مجلس ” عيدروس” الانتقالي .. لماذا تراجع حضوره..؟

- ‎فيأخبار اليمن

بعد مرور أربعة أشهر على إعلان تأسيسه، لا يزال الجمود والغموض يلفان مصير ما سُمي بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذي رأى النور بدعم من الإمارات، ويتبنى فصل جنوب اليمن، لكن نشاطه تباطأ تدريجياً، الأمر الذي برزت معه تساؤلات عما إذا كان “التجميد” ينتظر تطورات مقبلة، أو أنه انعكاس لتعديل في الخطة الإماراتية – السعودية، وتصورهما لمصير جنوب اليمن؟ وتفيد مصادر قريبة من “المجلس الانتقالي الجنوبي، بأن رئيسه، عيدروس الزبيدي، يتواجد في عدن، لكن أنشطته، العلنية على الأقل، محصورة بلقاءات وتصريحات أقرب ما تكون إلى أنشطة تنظيمية وبروتوكولية على نحو تبرز معه ملامح قيود تمنعه من التصعيد المعلن ضد الحكومة الشرعية، التي ما يزال التحالف حريصاً على وجودها في هذه المرحلة على الأقل.
 
وخلافاً للأزمة التي سادت لشهور طويلة بين الحكومة الشرعية، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، وبين التحالف، ممثلاً بواجهته الإماراتية في جنوب اليمن، بدا الوضع مختلفاً في الأشهر الأخيرة، التي حاولت خلالها أبوظبي أن تسمح بدور، أو حضور، بدرجة أو بأخرى، لرئيس الحكومة الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، ما فتح الباب أمام التكهنات، بين من يرى أن التهدئة مؤقتة، ومن لا يستبعد تقارباً من نوع ما لأبوظبي مع بن دغر، الذي يرفض الانفصال بصيغة شمال وجنوب، ويتمسك بقوة بالتقسيم الفيدرالي لليمن إلى ستة أقاليم، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الذي عقد بين مارس/ آذار 2013 ويناير/ كانون الثاني 2014. ومع ذلك لم يكن بمقدور مؤشرات التهدئة، أو التفاهم، بين الشرعية والتحالف، بقيادة أبوظبي، في الشهرين الأخيرين، أن تنجح بالسماح لمحافظ عدن، عبدالعزيز المفلحي، المعين من هادي في 27 إبريل/ نيسان الماضي، باستلام مقر قيادة المحافظة، الذي لا يزال أتباع المحافظ السابق ورئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، عيدروس الزبيدي، يرفضون تسليمه، ما اضطر المفلحي إلى مهاجمة الإماراتيين وحلفائهم بشكل ضمني.
 
وعلى صعيد “الانتقالي الجنوبي”، وخلال أربعة أشهر من مسيرته، فقد بدأ نشاطه في التراجع، عقب إعلانه ومغادرة الزبيدي ونائبه هاني بن بريك إلى السعودية ثم الإمارات. ومع عودتهما، في يوليو/ تموز الماضي، طغى على “المجلس” النشاط التنظيمي الأقرب إلى حزب سياسي، من خلال تأليف دوائر في “المجلس” وتسمية رؤسائها وتفعيل نشاطه على مستوى الفروع في المحافظات.
 
وفي المقابل تعرّض لضربة قوية، بصدور قرارات من هادي (على الأرجح بضوء أخضر من التحالف) أطاحت بثلاثة محافظين من أعضاء “المجلس”، أبرزهم محافظ حضرموت، اللواء أحمد بن بريك.
 
 ومن زاوية أخرى، تعتبر ما سميت بـ”وثيقة مبادئ وأهداف وأسس بناء المجلس الانتقالي الجنوبي”، التي أعلنت في أغسطس/ آب الماضي، أبرز ما كشف عنه “المجلس” حتى اليوم، وفيها حاول تعريف ذاته وأهدافه، أولاً وأخيراً، بالاتفاق على هدف فصل الجنوب عن الشمال، أو ما يُسمى بـ”استقلال الجنوب”، وإعادة الدولة الجنوبية وفقاً لحدود ما قبل توحيد اليمن في العام 1990، ولكن بمسمى الكيان الذي كان سائداً قبل الاستعمار “الجنوب العربي”، وبشكل يعتمد الصيغة الفيدرالية.
 
ومعروف أن “المجلس الانتقالي الجنوبي” أعلن عن نفسه في 11 مايو/ أيار الماضي، على نحو جعل من نفسه الجهة التي تتولى إدارة وتمثيل محافظات الجنوب، وبالتالي الانقلاب على الحكومة الشرعية، إلا أن التحالف، الذي يتخذ من الشرعية غطاءً لتدخله في اليمن، حاول ترشيد خطاب “المجلس الجنوبي”، تدريجياً، من خلال دفعه للإعلان، عبر بيانات متفرقة، أنه لا يستهدف شرعية هادي، وهو إعلان يتناقض مع كونه لا يعترف باليمن الموحد ككل، حتى تحول “المجلس” في وقت لاحق، إلى نشاط تنظيمي أقرب إلى حزب.
 
ومع ذلك، فإنه يرفض في “وثيقة المبادئ”، وصف نفسه بأنه “حزب”، ويتمسك بوصفه “كياناً انتقالياً”، موضحاً أنه “ليس حزباً ولا مكوناً سياسياً أو اجتماعياً أو فئوياً أو نخبوياً… إلخ، له مشروع سياسي خاص بأعضائه وأتباعه ومناصريه، بل هو إطار قيادي وطني ينظم وينسق قدرات وإمكانيات قوى ونخب الشعب وأفراده صوب تحقيق أهدافه وتطلعاته”.
وأياً تكن الأدبيات التي تتفق على الانفصال والإشادة بالتحالف، بقيادة السعودية والإمارات، فإن الواضح هو تراجع نشاط “المجلس الجنوبي”، أو تجميد مشروعه كـ”قيادة” للجنوب اليمني المتطلع للانفصال، بصورة مؤقتة على الأقل، إلى حين اكتمال ترتيبات من نوع ما.
 
وفي ظل هذه المعطيات، يبرز السؤال الأساسي عن السر الذي دفع التحالف لتجميد “الانتقالي الجنوبي”، بعد أن كان معروفاً أنه تأسس بدعم من الإمارات؟ وما إذا كان التجميد حالة مؤقتة تنتظر اكتمال بعض الخطوات من قبل التحالف، الذي لا يزال يحتاج إلى الشرعية حالياً، أو أنها نتيجة تعديل في الخطة، من دعم الانفصال المباشر على أساس شمال وجنوب، إلى دعم خطة الأقاليم، التي تتبناها الشرعية رسمياً، ومن شأنها منح الحكم الذاتي في الجنوب والشرق، في حين أن الواقع في الشمال ما يزال محكوماً بعوامل أخرى؟