اليمن والسعودية واحدية المصير والقضية

- ‎فيأخبار اليمن, كتابات
 تتداخل كثيرٌ من القضايا والملفات على ضفتي المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية لتشكل عنصراً إقليمياً حيوياً ذات خصائص عضوية مشتركة وعمليات وظيفية مترابطة ترسمها جغرافيا الأرض، وديموجرافيا(حركة السكان) وما تعنيه من تشابه يصل إلى حد التطابق في مستويات كثيرة في البنية الثقافية والعادات والتقاليد وأنماط الحياة، كما أن الملف الأمني متداخل بصورة شبه كلية لسبب اشتباك الجغرافيا في جنوب المملكة مع شمال اليمن وحيوية موقع اليمن الجغرافي المطل على البحر الاحمر ومضيق باب المندب والبحر العربي والبوابة الى إفريقيا وشبه القارة الهندية، وجاءت تحديات التنظيمات الإرهابية والجماعات المليشاوية التي واجهت المملكة أو اليمن خلال الفترة الماضية لتؤكد هذه الحقيقة.

يأتي الملف الاقتصادي ليؤكد هذه المسلمات متكئاً على دعامتين رئيسيتين، أولاهما الممر الملاحي المهم دولياً (باب المندب) في نظم حركة التجارة والنفط في العالم وأهمية تأمينه واستقرار محيطه الجغرافي، والثانية: ملف العمالة اليمنية المتدفقة إلى المملكة إضافةً إلى أهمية السوق الشرائية وحجم  التبادلية التجارية البينية للبلدين.

هذه المتداخلات الإستراتيجية أمنياً واقتصادياً مثلت العمق الإستراتيجي للعلاقة بين اليمن والسعودية قدراً قهرياً وضرورةً بنيوية في جسم الجزيرة والمنطقة والعالم.

يحدثنا بها التاريخ وتحكيها لنا حركة الحياة وتقلباتها وتضع معالم التقاط الفرص حين كثرت التحديات وتهديدات المخاطر المستهدفة للبلدين كقلب للعالمين العربي والاسلامي

الإدراك الموثق:

ولإدراك البلدين لمترابطات المصير وواحدية القضية تم توثيق عرى الإخاء بسلسة من التفاهمات والمعاهدات والاتفاقات والعديد من التفاعلات الاخوية بين قيادتي البلدين.

لعل أهمها اتفاقية الطائف التاريخية بين البلدين عام 1934م، التي أبدت اهتماماً خاصاً بتعاون الطرفين في كشف العناصر المعادية لنظاميهما، إدراكاً من نظامي البلدين لتقاسم العمق الإستراتيجي بينهما، ورغبةً في أن يكون البلدان عضواً واحداً أمام الملمات المفاجئة وبنياناً متراصاً للمحافظة على سلامة الجزيرة العربية كما ورد في مقدمة الاتفاق.

كما نصت الاتفاقية في مادتها السابعة بتعهد الطرفين بمنع استعمال بلاد أي منهما قاعدة أو مركزاً لأي عمل عدواني ضد بلاد الطرف الآخر.

ثم مذكرة التفاهم في رمضان 1415هـ، ومعاهدة جدة التاريخية التي أكدت على كل ما سبق من اتفاقات وملاحق تعزز التعاون والإخاء وتؤسس للسكينة والاستقرار في الجزيرة العربية وتجسد الدور الواحد في مواجهة أعاصير المتغيرات وامتدادات الصراعات التي تسهتدف البلدين.

الأستاذ محد السمان عضو الهيئة العليا لحزب الرشاد – اليمن – يقول: اليمن للسعودية تشكلا للعمق الإستراتيجي والبشري وهو ما أكسب العلاقات اليمنية السعودية أهمية كبيرة كما تمثل اليمن المخزون البشري للسعودية عبر العمالة اليمنية المتواجدة في المملكة.

المخاطر والتحديات المشتركة

تعمل القوى الدولية لخدمة مصالحها الاقتصادية وفرض هيمنتها السياسية وفق مشاريع وأجندة تهدف من خلالها لتفكيك العقلية والسلوك وتغيير الهوية مروراً بتمزيق اللحمة الأهلية وفض عرى الوحدة الوطنية، وصولاً إلى تقسيم الجسد اليمني والسعودي إلى عدة كيانات معتمدةً في  ذلك على خارطة تدمير ممنهج يستخدم الأقليات الإثنية والطائفية ويستدعي فوضى العصبيات الجهوية والقبلية والمذهبية.

وعملت إيران على رؤية ( تحالف الأقليات) في المنطقة واستخدام هذه الورقة لفرض نفوذها في العراق ولبنان وسوريا واليمن ومحاولات مستمرة في البحرين والكويت ومصر والسعودية.

وعند نقطة المصالح تلتقي الرغبة الإيرانية مع رغبات قوى الهيمنة الدولية، وتستعير  قوى الهيمنة العالمية كيانات ومنظمات وجماعات الفوضى والدمار وقوى العمالة والارتهان و تحت دعوى  حماية حقوق الأقليات التي تعاني التهميش والاضطهاد والاستبعاد– حد زعمهم – وتوجه حركتها نحو غاياتها الكبرى في بسط عولمتها ونفوذها على المنطقة.

وقد عملت هذه القوى المتربصة على استخدام أدوات محلية ووكلاء من داخل مجتمعاتنا وسعت للاستفادة من رغبة الامبراطورية الفارسية، لإعادة مجدها وربطتها بالأدوات المحلية في هجمةٍ شرسة تداعى لها الغرب المسيحي مع الشرق الفارسي.

الباحث والصحفي في رئاسة الجمهورية اليمنية ثابت الأحمدي، يرى أن حضور الخطر الإيراني يتبدى يوماً بعد يوم في المنطقة ولاتزال المواجهة ليست بالمستوى المطلوب.

ثم يؤكد أن كل الدلائل تشير إلى أن إيران دولة توسعية بطبيعتها، ولديها مشروع واضح للعيان ومدعوم من قوى دولية وصراع  العرب معها صراع وجود في حقيقته وتفاصيله.

الحوثي وجماعات الإرهاب أدوات إيرانية:

من أهم وأبرز هذه الأدوات في اليمن جماعة الحوثي الجارودية الشيعية والمخلوع علي صالح والتنظيمات الإرهابية التي يمسك بتلابيب إدارتها وتحريكها واستخدامها كالقاعدة وتنظيم الدولة (داعش).

إضافةً إلى الحراك  الانفصالي المسلح  في جنوب اليمن التابع لإيران والذي عملت القوى المتربصة باليمن كمنصة ونافذة لإيذاء السعودية على تنظيم علاقات بينية لتأطير هذه المكونات وتجنيدها في إسقاط الدولة والمجتمع اليمني وهي تضع عينها على السعودية وتهدف للاستيلاء على الحرمين الشريفين، في صورةٍ واضحة تُعبّر عن عدائها مع الأمة ومقدساتها و ثوابتها الدينية والوطنية ومصادمتها لكل القيم والمبادئ الإنسانية الكبرى.

واستمرت تلك القوى الدولية في تخليق الفوضى ونشر اللااستقرار في المنطقة عبر المنظمات الدولية العاملة في اليمن ببرامجها المشبوهة وأنشطتها الخبيثة وتأكد ذلك بتماهيها وتناغمها مع قوى الشر ( الحوثي والمخلوع صالح)، وتغطيتها على جرائمهم وقيامها بتنظيف فضائحهم ودعمها اللوجستي والسياسي والدبلوماسي والحقوقي والمالي لتحركاتهم وفاشيتهم ومحاولات إنقاذهم من الهزيمة وإضفاء وضع قانوني لسيطرة المليشيات على الدولة عبر الانقلاب ولا أدل على ارتكابهم لكل هذه المحرمات الإنسانية من تحركات الإدارة الأمريكية و مواقف الأمم المتحدة ومبعوثيها لليمن.

لقد أكدت الأحداث حقيقة الاٍرهاب الطائفي الإيراني والتي ترغب طهران من خلاله  في زعزعة استقرار اليمن وتحويله لبؤرة إرهابية طائفية وتهديد دول الجوار وهذا ما وقفت أمامه السعودية عبر «عاصفة الحزم» التي قطعت رأس الأفعى الإيرانية ولجمت التمدد الإيراني الإرهابي الطائفي.

وهنا يؤكد السمان على أهمية ما يمثله كل بلد للآخر، فمن مصلحة البلدين الانطلاق نحو علاقات إستراتيجية مهمة للبلدين تعزز التعاون المشترك وتتصدى لأي أخطار وتحديات للبلدين.(نقلا عن المسار)