من سفوح المجد !!

- ‎فيأخبار اليمن, كتابات

يرتدف بندقيته الكلاشنكوف .. قنينة ماء ورغيف خبز .. ومعطف وغبار وريح .. وقلب يسع الكون إيمانا بالوطن .. محارب من ريف تهامة .. وما أكثرهم في هذه التباب والهضاب .. يقف داخل مترسه .. يطل على سفح تبة في نهم شرق صنعاء .. يالهذا المجد الوارف في هذه السفوح .. التقيته منذ ايام هناك .. يحدق في المدى الرحب .. باتجاه العاصمة .. غادر قريته في ريف تهامة .. مخلفا وراءه كومة من الألم .. واشلاء من مشاهد وجع دامي .. اخبرني عن مشهد طفلين .. انتزعت مليشيا الخوثي والدهم بقوة السلاح من داخل منزله الطيني .. كانت سواعد نحيلة لطفلين تشبثت بثياب والدهم .. سحبته المليشيات عنوة الى فوق الطقم .. تاركة طفلين لا يزالان يبكيان في حضن أم صدرها يرتجف من الهلع حتى اليوم .. تكورت في حلقها مرارة العالم .. بهيأة سؤال ذابح يتكرر عليها كل مساء .. متى سيعود أبي .. ؟
يروي محمد .. بحزن موجع .. الذي دفعني الوصول الى هنا وحمل هذا السلاح .. ذلك الظلم الذي رأيته جثم على قريتي .. تلك العناصر التي حولت الناس الى قطيع خانع مستسلم .. او احرار مغيبون في السجون او ملاحقون اضطروا لحمل السلاح دفاعا عن الحرية والكرامة والوطن ..
يقول لي اما ان ادخل صنعاء وابحث عن منزل ابو (…..) مسميا لي اسم مشرف المليشيات في منطقته .. انه يسكن حزيز هكذا سمعت من متحوثي القرية .. ساتصل به .. سأخبره ان عدالة السماء اقتضت ان اكون اول الداخلين الى صنعاء .. سأخبره أنني وقفت بباب منزلك حتى لا يروع اطفالك .. سألقنه درسا في شرف القتال .. في الفارق بين نبل المقاتل .. وحقارة القاتل .. سأخبره فقط قدمت الى صنعاء .. لكسر رأس الافعي التي حولتكم الى لصوص وقتلة ووزعتكم على تهامة وعلى اليمن قاطبة .. كمشاريع موت وحقد وكائنات مسمومة ..
كنت انصت حين يحدثني بلهجتة التهامية الوارفة بأمل النصر ..
محمد التقيته ذات يوم في تغطية صحقية قبل 7 اعوام في احد مناطق ريف تهامة .. كان ضمن معارضي نهب مشروع مياه في قريته .. كان الناهب حينها شيخ .. استنسخه المخلوع ..ضمن ادوات تسلطه على الناس .. صار شيخا بعد ان كان بائع دجاج في منطقته .. تحول الى نائب برلمان .. مؤهله أمي بدرجة لاعق حذاء .. منذ عامين فقط غير سحنته وضع شعار الصرخة بجوار صورة المخلوع .. وبحسب صديقي محمد .. زادوه رتبه ليجمع بين لعق الحذاء كما قلت .. ومبوسو ركبو امسيد .. قالها بلهجته التهامية الانيقه .. عجبت لقدرة هذا المحارب اللطيف .. على توصيف شيخ متحوث .. كنت ابتسم في وجه هذا مقاتل أسمراني .. مسكونا بالحرية والشجاعة والكرامة حد الشهادة .. عالقة في جراب ذاكرته مشاهد الظلم الذي عرش في قريته ..كان هو مشرعا بعينيه باتجاه العاصمة .. وأنا منهمك اسأله عن الحديدة .. عن تهامة عن قريته ..
كنت اسمع دوي المدفعية .. وكان يقول لي لن اعود الى قريتي حتى تسكت هذه المدفعية غرور رأس الأفعي ..
الأفعى التي تختبئ في السبعين .. محيطة نفسها بأنفاق وجيش من المنافقين .. ودعت محمد المحارب التهامي النبيل .. صافحته وهو يؤشر لي بحدقاته باتجاه الفضاء الشرقي للعاصمة صنعاء .. قريبا سنعبر هذه التباب .. قريبا سأرى ضحكة طفلين .. انتزعت مليشيات الحوثي والمخلوع اب لايزال يقبع في سجن الحوثيين حتى الآن .. قريبا ساعود وسيعود والد الطفلين .. سيعود كل الاحرار .. سيتوارى الحقد والشعار والصرخة والخونة والرصاص والدم والدموع وابو متفل وابو شنبل .. سنعود الى وطن بلا أفعى .. وبلا نكبة لاعقي الحذاء .. سأعود الى قريتى .. وسيستقبلني الشيخ هذه المرة حافيا بلا حذاء .. سأذكره بخيانته السوداء .. سأروي له عن ابطال السهل التهامي .. عن حلم التحرير الذي تشكل من هنا .. من على سفح تبة في نهم .