شكراً بن دغر..!

- ‎فيكتابات

لم يأخذ تحرك الانقلاب عسكرياً في عدن وقتاً حتى سارع رئيس الحكومة الدكتور احمد عبيد بن دغر موجهاً بعودة القوات العسكرية إلى ثكناتها.. قائلاً دم اليمني على اليمني حرام.

وفي سابقة في التاريخ اليمني التزم المناضل الأكتوبري والزعيم الوطني الصمت مهدئاً ومبتعداً عن لغة التصعيد التي ألفها اليمنيون.. ظل في مكتبه بعدن مع ان الانقلاب المجنون عصف بالساحة هدد وأبرق وأعد ووضع اسمه في مقدمة قائمة المطلوبين للمحاسبة كما زين لهم البله السياسي والفقر الأخلاقي.. ورغم الاستفزاز ظل هادئاً مرجح كفة الاستقالة على ألا تراق دماء ابناء الوطن.

للأسف نحن شعوباً لا تقرأ القوة إلا بمنظار الضعف ولا تعي قيمة المسؤولية الإجتماعية.. ولا ندرك عظمة رجالنا إلا حين يغادرون.. ومن الغريب بعد هذا الفصل السيء الذي مررنا به ألا نشاهد في عدن يافطات شكر لبن دغر.. الرجل الذي ترك كبرياء السلطة وغرور النفوذ جانباً والتزم الهدوء المسؤول.. اثبت ان اصحاب الانجاز منشغلون عن الكلام بالعمل.

يستحق بن دغر الشكر على قوة تحمله عبث المراهقين سياسياً والمهووسين بحمل السلاح.. يستحق الشكر لهدوئه في زمن انفلات الأعصاب والعضلات.. يستحق الشكر لأنه أنهى هذا الاختبار الصعب بسلام على العباد، حتى على المتواطئين بصمتهم بقدر تواطؤ المتمردين وشركائهم.. أرادوها ناراً حامية فكانت بحكمته ونضجه السياسي وكبريائه الأخلاقي وترفعه المسؤول برداً وسلاماً.

لقد انتصر بن دغر لأنه يؤمن بألا انتصار على ابن البلد.. مهما كانت حماقة ابن البلد.. ومهما طالت الحرب او قصرت.. ومهما تحققت المكاسب او الحقت الخسائر.. فلا منتصر ولا مهزوم في حرب بين أبناء البلد.

لقد اثبت في ظل عنتريات الخصوم السياسيين ان سياسة اللاعنف يمكن ان تعكس القوة وتحقق مالا يحققه العنف والصوت العالي.. لقد اثبت عملياً ان هذا ممكن.. وان السلم يمكن ان يحقق السلام..

شكراً بن دغر بحجم السماء..
شكراً لكل هذه الدروس التي قدمتها..