الحل الأممي في اليمن

- ‎فيكتابات

يؤكد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن شروط الحل السياسي في اليمن باتت متوفرة. ولذلك، يبدو متفائلاً بلقاء قريب يضع الأطراف اليمنية المتحاربة وجهاً لوجه على طاولة حوار واحدة. ونظراً لتعقيدات الوضع اليمني، يبدو تفاؤل ولد الشيخ حذراً وحساباته متأنية، ذلك أن ضراوة القتال تزداد كلما طال أمد الحرب، والأزمات الإنسانية في تفاقم دائم، حتى باتت أغلبية الشعب اليمني مهددة بالجوع والعطش والأمراض.
تفاؤل ولد الشيخ له ما يؤيده على أرض الواقع، حيث تتوفر جملة من المعطيات التي ترجّح كفّة الحل السياسي على استمرار القتال. أولها حالة الإنهاك التي حلّت بالمتحاربين، الشرعية والطرف الآخر. وعلى الرغم من أن الشرعية حققت انتصارات ملموسة على الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فإنها تعاني صعوبة كبيرة في التقدم على الأرض، ولولا الدعم العسكري والمادي الذي تقدمه بعض دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، لكانت الإنجازات الميدانية متواضعة. ومع أن هذه الدول ملتزمة بقوة دعم الشرعية اليمنية، فإنها تفضّل وصول الأطراف اليمنية إلى حل يوقف النزيف الذي تعاني منه الأطراف كافة. أما من جانب المعسكر الآخر، فالصورة ذات بعد كارثي، حيث بات استمرار الحوثيين والرئيس المخلوع بالقتال أمراً انتحارياً عبثياً لا مردود له من الناحيتين العسكرية والسياسية، بل إنه يترجم كل يوم إلى خسائر بشرية واقتصادية وتصدعات داخلية بالصفوف. ولذلك، هم ميالون إلى حل يحفظ باقي ماء الوجه، ويعطيهم دوراً في أي ترتيبات سياسية لاحقة. ومن دون شك، هم يجدون أن الأرضية التي وضعها ولد الشيخ للّقاء المقبل في جنيف مناسبة جداً، لأنها تركت المجال مفتوحاً أمام الأطراف لتضع أوراقها على طاولة الحوار، من دون شروط مسبقة، وأن يكون التفاوض سيّد المنازلة. وستوفر الأمم المتحدة الأجواء المساعدة على امتصاص التوتر، وهي تعمل جادة لكي لا تتكرر تجربة مؤتمر جنيف السابق الذي اتّسم تنظيمه بالتسرّع والارتجال، الأمر الذي قاد إلى فشل ذريع، وزاد من تفاقم الأزمة.
أما المعطى الثاني، فهو رضوخ الحوثيين والرئيس المخلوع وقبولهم بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، وقد أكد ولد الشيخ، في لقاء خاص مع “العربي الجديد”، أنه حصل على تعهّد من هذين الطرفين بأنهما سينفذان بنود القرار ضمن صفقة شاملة، بما في ذلك القبول بمراقبين لوقف إطلاق النار.
ويتلخّص المعطى الثالث بتقاطع مواقف الأطراف الدولية والإقليمية، وتلاقيها من حول صيغة الحل. وهنا، يمكن التوقف عند الموقف الإيراني في صورة أساسية، وهناك عدة مؤشرات على أن طهران في طور التسليم بالهزيمة.
وهناك معطى ذو أهمية قصوى، يتمثّل في اتفاق الأطراف كافة على تعميم المقاربة السورية الخاصة بالإرهاب. هذه الصيغة التي تهوّن من أي خلاف أمام تلاقي الأطراف في الحرب ضد القاعدة وداعش، وهذا ما يفسر الضغط الأميركي على الشرعية اليمنية منذ عدة أشهر، لإعطاء الأولوية للحرب ضد القاعدة على مواجهة الحوثيين عسكرياً، ولا سيما أن واشنطن تولي قاعدة اليمن أهمية خاصة منذ عدة سنوات، وتخوض ضدها حرباً مفتوحة أسفرت عن تصفية أغلبية رموزها، مثل العولقي والشهري والوحيشي.
يضاف إلى المعطيات السابقة أن الشعب اليمني يواجه، بسبب الحرب، عدة أزمات إنسانية لا مثيل لها، فنسبة الفقراء ارتفعت بشكل كبير حتى قاربت نسبة 90% من السكان، وليس الغذاء وحده الذي صار عزيز المنال، بل كذلك الماء والدواء، وتوفير العلاج لآلاف الجرحى، الأمر الذي يدفع الأطراف المتحاربة في المعسكرين إلى وقف الحرب التي تحمّل المدنيون في المعسكرين أوزارها الثقيلة.