هل سينتهي المسعى الإماراتي لتقسيم اليمن بعزل (بحاح)

- ‎فيأخبار اليمن, تقارير

تباينت الأنباء حول رد فعل رئيس الوزراء اليمني الأسبق خالد بحاح، على قرار إقالته، فبعد أن تناقل نشطاء يمنيون تصريحات تكشف قبوله بالقرار وتمنيه لخلفه بالتوفيق، ظهرت تصريحات مختلفة في اليوم الثاني لإقالته، معتبرًا إياها خروجًا عن الشرعية في اليمن، وخروجًا عن القرار الأممي 2216، والذي يدعو لعودة الحكومة الشرعية.

ورد مراقبون وحقوقيون على ادعاءات بحاح بأن عزله غير دستوري، مؤكدين أن تعيينه في الأصل لم يكن دستوريًا، ولا يجوز له الاستعانة بالدستور، رغم علمه طيلة الفترة الماضية بأن وجوده غير مرتبط بالدستور، مشيرين إلى أن الحكومة مستمرة في عملها ولم يتم تغييرها، بل تم تغيير رئيسها فحسب.

فيما تساءل مراقبون حول دور بحاح الفترة المقبلة، وكيفية تأثيره على الشرعية اليمنية، خاصة في ظل وجود دعم إماراتي له، مؤكدين أن القرار جاء مفاجئًا لها، وأنها ستحاول التأثير من خلاله بشكل سلبي على الأزمة اليمنية، غير مستبعدين انضمامه لخريطة تحالفات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.

بحاح يعتبر عزله غير دستوري ومخالف للقرار 2216

ظهر رفض بحاح لقرار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من خلال منشور نشره على صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” و”تويتر”، أكد فيه أن عزله كان خارج إطار الدستور والقانون، وبالمخالفة للقرار الأممي 2216، ولكل المرجعيات الحاكمة.

ورفض بحاح في منشوره ما وصفه بـ”العمل خارج الدستور والقانون والاستهتار بهما”، مضيفًا أن “ذلك أفقد السلطة الحق والمصداقية في الدفاع عن الشرعية، ويسهم في تعميم الفوضى وإضعاف كل أجهزة الدولة على السواء”.

وأضاف بحاح أن “الحكومة اليمنية تحملت خلال الفترة الماضية، الكثير من التجاوزات لصلاحياتها، والعقبات التي توضع في طريقها، على أمل الحفاظ على الوحدة الداخلية وتحقيق الحد المعقول والمقبول من الانسجام بين الرئاسة والحكومة”.

وأوضح في بيانه للشعب اليمني ما وصفه بالتجاوزات على الدستور والقانون، ناقلًا أسباب رفضه لقرار هادي، والتي أجملها في أن “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار، وإن المرحلة الانتقالية وعملية الانتقال السياسي مبنيتان على الشراكة والتوافق، وبموجبه فإن المفترض أن يكون هناك توافق على رئيس الحكومة، كما هو الحال عند تعيين خالد بحاح الذي تم التوافق عليه”.

وواصل قائلًا: إن “الدستور ليس معلقًا، ولا تزال أحكامه نافذة، ماعدا التي أصبح لنصوص المبادرة والآلية أولوية التطبيق عليها عند التعارض، وهذا يعني أن الحكومة لابد أن تحصل على ثقة مجلس النواب، وهو ما سيتعذّر في ظل هذه الأوضاع الطارئة”.

واعتبر أن قبول القوى السياسية بهذا التعيين سيضعها في موقف متناقض، مع تمسكها بالمرجعيات على الأقل المبادرة الخليجية وآليتها ووثيقة الضمانات ومرجعية الدستور، معتبرًا أن القبول بالتعيين يعني مخالفة كافة المرجعيات.

وواصل عرض أسباب ما وصفه بالتجاوزات على الدستور بعزله، قائلًا: إن “قرار مجلس الأمن 2216 يتحدث عن الالتزام بمرجعية المبادرة والآلية والمخرجات وعن عودة الحكومة الشرعية، أي الحكومة التي شُكلت ومُنحت الثقة، وفق تلك المرجعيات التي يجب أن تعود لممارسة مهامها الدستورية والقانونية، ما يعني مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن”.

ولفت إلى أن دول التحالف العربي والدول الداعمة للانتقال السياسي دعت للالتزام بالمرجعيات السابقة، وتدخلت بقواتها لتنظيم عملية الانتقال السياسي، متسائلًا: “كيف ستبرر الدول الداعمة للشرعية قبولها بانقلاب الرئيس هادي عليها بهذه التعيينات، وبحكومة لم تأت وفق الأحكام الواردة والمقررة فيها”.

وشدد على أن السبب الأبرز لرفضه لتلك التغييرات، أن هذه القرارات سوف توفر مبرراً للانقلابيين، للتشكيك بشرعية الحكومة والمطالبة بالمساواة معها، كطرف ندي لها في كل الإجراءات والتدابير التي ستتخذ، سواء لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، أم بقية الاستحقاقات اللاحقة، على حد قوله.

تعيين بحاح غير مرتبط لا بالدستور ولا المبادرة الخليجية

وحول ما ساقه بحاح من أسباب يرها اثباتًا على عدم دستورية عزله، فقد رد المستشار القانوني والناشط الحقوقي اليمني هائل سلام، على تصريحه، مؤكدًا أن تعيين بحاح كان وفقًا لاتفاق السلم والشراكة الذي فشل قبل تنفيذه، مشيرًا لأن تعيينه لم يكن مرتبطًا لا بالدستور ولا بالمبادرة الخليجية.

وأضاف في منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، ردًا على تصريحات بحاح، أن ذلك يعني أنه لا معنى لمطالبة بحاح باحترام: “الدستور، والمبادرة الخليجية، واتفاق السلم والشراكة، وشرعية التوافق”.

وتابع أن ما أشار له بحاح عن التمسك بالتوافق أمر لا يخلو من وجاهة، مضيفًا: “ولكن هذه الوجاهة تتلاشى وتمحي، إذا كان التوافق المقصود يشمل أيضًا أولئك الذين انقلبوا على التوافق بالذات، وإلا فهو الجنون”.

وواصل قائلًا: إن “بحاح ظهر حريصًا على مراعاة مقتضيات الشرعية الدستورية لجهة ضرورة نيل الحكومة ثقة مجلس النواب، متناسيًا أن حكومته نفسها لم تحظ بهذا الشرف، بالنظر الى أن مجلس النواب نفسه، لم يعد يربطه بالدستور سوى بقايا ذكريات”.

وردًا على رفض بحاح للقرار بالإشارة للقرار الأممي وما نص عليه من عودة الحكومة الشرعية، قال سلام: “إن ذلك ممكنًا من خلال الإبقاء على أعضاء الحكومة، وإقالة رئيسها وحده، كي يبقى الحديث عن عودة الحكومة (الشرعية) تلك، ممكنًا، في خطوة لا تخلو من اللؤم والخبث، بطبيعة الحال”.

مفاوضات الكويت مهددة بالفشل

وحول تأثير هذا القرار على الأزمة اليمنية ككل، وهل سيقتصر موقف بحاح وداعميه على الاعتراض الإعلامي فحسب، اعتبر النائب السابق بمجلس الأمة الكويتي ناصر الدويلة، أن هذا القرار قد يؤثر على المصالحة اليمنية ويؤدي لإفشالها .

حيث قال: “مؤتمر المصالحة اليمنية المنعقد في الكويت مهدد بالفشل، بسبب عزل بحاح وتعيين الأحمر، وهذا أربك علي عبدالله صالح والحوثي وايران والداعمين لهم”.

ورفض الدويلة في تغريدات له المقارنة بين رئيس الحكومة الليبية، قائلًا: “موقف بحاح مختلف جدًا عن موقف رئيس الحكومة الليبية، الذي دخلت عليه حكومة الوفاق طرابلس، ولم يشهر في وجهها السلاح، وعلق عمل حكومته حقنًا للدماء”.

عزل بحاح منع تقسيم اليمن

فيما أكد الأكاديمي الإماراتي سالم المنهالي، أن بحاح وداعميه من الإمارات سيسعون لتمزيق صف الشرعية في اليمن، ردًا على تلك القرارات، مشيرًا إلى أن هدفهم الذي لم يتمكنوا من تحقيقه بسبب عزل بحاح، هو تقسيم اليمن.

حيث قال في تغريدات له اليوم: إن “السعودية ترفض فكرة تقسيم اليمن، لأن ذلك سيكون فرصة لتمدد إيران وأذنابها، وتمتعها بنفوذ واسع وممتد يعيدنا لنفس النقطة بعد سنوات، ولا يغير شيئًا”.

وأضاف أن “عيال دحلان وجماعة الإفساد بأبوظبي، سيسعون جاهدين لتقسيم اليمن، وأعلنوا ذلك صراحة، وأهم أدواتهم لتفيذ ذلك كان بحاح، الذي أقاله هادي مؤخرًا”.

وواصل قائلًا: إن “هدف عيال دحلان ليس فقط التقسيم الجغرافي، بل وأيضاً التقسيم السياسي وتقسيم المقسم، وهذا ظهر من بيان بحاح الأخير، والذي تمرد فيه على قرارات هادي”.

واختتم تغريداته قائلًا: إنه “من المتوقع خلال الفترة المقبلة، أن تقوم جماعة الإفساد في أبوظبي بتمويل بحاح بملايين الدولارات، لإنشاء حزب سياسي جديد في اليمن، لتمزيق صف الشرعية”.

المؤامرة الموجهة ضد المملكة تتفكك بمركزية

فيما وصف الكاتب السعودي مهنا الحبيل، القرار بأنه توجه بفاعلية متزنة من الرياض، ومواجهة للمؤامرة التي كانت تعد للمملكة من قبل البعض.

حيث قال: إن “الرياض تتوجه بفاعلية متوازنة تعزز قوة الشرعية الشمالية التاريخية، وتشجع الحوثيين على قبول قواعد اللعبة لصالحهم، معادلة دقيقة جدًا لنصر مختلف”.

وأضاف: “أشعر بارتياح بالغ أن المؤامرة التي كانت تعد للسعودية والعرب من البعض باسم دعم عاصفة الحزم، تتفكك بمنهجية مركزية.. أدعو الله أن تكلل بنصر قريب”.

الرد الحقيقي لـ”ابن زايديكون بالتنسيق مع “صالح”

فيما قال المغرد السعودي الشهير مجتهد، إن الإمارات فوجئت بإقالة بحاح، مؤكدًا أن ردها سيكون من خلال التنسيق مع صالح.

حيث قال: إن “خالد بحاح الذي يعتبر رجل الإمارات في (الشرعية) يعلن رفض الإقالة، والأكيد أن بن سلمان لم ينسق مع الإمارات في ذلك”.

وأضاف في تغريدة له: إن “الرد الحقيقي لابن زايد لن يقتصر على تحريض بحاح، بل بدأ تنسيقًا مع علي صالح لإفشال الترتيبات السعودية، ومع هذا سيبقى ظاهريًا مجاملًا للسعودية”.