أوجه الشبه بين الحوثيين والحشاشين

- ‎فيكتابات

بما لا يعرف الكثير من عامة الناس حركة الحشاشين وطبيعة سلوكها الاجرامي الذي تميزت بها في فترة انتشارها وتوهجها، انني على ثقة كبيرة بان الكثير من أبناء جيلنا الحالي لم يسمع في حياته قط عن حركة الحشاشين، والقلة القليلة هم من سمعوا عن هذه الحركة الدموية والاجرامية في نفس الوقت، كما انني اجزم الى حد كبير ان الذين قرأوا عن حركة الحشاشين وعرفوا تفاصيل تلك الحركة ربما لا يتجاوز عددهم المئات من أبناء هذا الجيل.

لقد ذهلت وانا اتتبع خيوط حركة الحشاشين منذ نشأتها وتطورها وانتشارها وتدشينها جرائم الاغتيال بحق القيادات الإسلامية السنية وكل من عارض حركتهم في مختلف البلدان التي انتشرت فيها تلك الحركة مثل إيران وبلاد الشام وأجزاء من العراق، واتت تسميتهم بالحشاشين نظرا لان اتباع هذه الحركة اشتهروا بتناول مادة الحشيش على نطاق واسع لدرجة انها كانت المحرك او الوقود الأساسي الذي يدفع باتباع تلك الحركة الى الانتحار والموت في سبيل تحقيق أهداف الحركة.

الحشاشون هم فرقة انفصلت من الطائفة الإسماعلية أواخر القرن الحادي عشر الميلادي لتدعوا الى امامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء من نسله واستمرت الحركة في النشاط حتى القرن الثالث عشر الميلادي، وكانت معاقلهم الأساسية في بلاد فارس وبلاد الشام، وقد أسس هذه الطائفة الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة الموت في إيران معقلا له فوق قمم جبال ايران المنيعة ومن هناك مارست الحركة عملياتها الاجرامية في القتل والترهيب ونشر الرعب والاغتيال لكبار القيادات السنية والاستيلاء على المال دون الاكتراث لمبدأ الحلال والحرام فكل شيء كان مباحا لاتباع تلك الحركة وكان كل ما يهمهم هو تحقيق اهداف الحركة ذات الطبيعة الباطنية.

انتهت حركة الحشاشين في بلاد إيران على يد القائد المغولي هولاكو عام 1256ميلادية بعد معكرة كبيرة كانت بمثابة مذبحة للحشاشين تم بعدها احراق قلاعهم وحصونهم ومكاتبهم في كل اصقاع إيران وتمكن القائد المسلم الشجاع والفارس المحنك الظاهر بيبرس من سحق معاقل الحركة في بلاد الشام عام 1273 ميلادية بعد ان كانت الحركة قد ارعبت البلاد والعباد باغتيالها القيادات الكبيرة مثل الوزير السلجوقي في نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد وكذلك الخليفة الراشد وملك القدس كونراد.

والان اعزائي الكرام دعونا ننظر الى أوجه الشبه بين الحوثيين والحشاشين والتي سوف أوردها من وجهة نظري على النحو التالي: تشابه الحركة الحوثية الى حد كبير الحشاشين في ظروف النشاءة والتطور، فكلا الحركتان اتخذتا من الجبال والكهوف معاقل لنشاطها ونشر دعوتها، فالحركة الحوثية اتخذت من جبال مران وجرف سلمان ومن كهوف النقعة ومطرة معاقل تحصنت فيها خوفا من ملاحقة الحكومة لعناصرها.

اتخذت كلا الحركتان أسلوب الرعب او ما نسميه حاليا بالحرب النفسية كوسيلة لإرهاب خصومهما وترويعهم واجبارهم على الخضوع والاستسلام من خلال الاغتيالات والتنكيل بالشخصيات التي تعارضهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم، وفي اليمن نجد ان الحركة الحوثية مارست كل أنواع الجرائم والقتل وتفوقت على الحشاشين بتفجير منازل القيادات المعارضة لهم، حيث ذكرت مصادر صحفية ان عدد البيوت التي فجرها الحوثيين في اليمن بلغ 440 بيتا وهو رقم مخيف جدا، ولكنه يعكس حالة النزعة الاجرامية لدى الحركة الحوثية التي فاقت بجرائمها وعنفها حركة الحشاشين قبل قرون عديدة من الزمن.

استخدمت الحركتان العناصر الانتحارية، حيث كان لدى حركة الحشاشين الاف العناصر الانتحارية الذين لا يأبهون بالموت بفعل الأيديولوجيا الباطنية التي تنطلق من الايمان بالإمام الغائب وبذل النفس من اجل تعبيد الطريق لذلك الامام، وبنفس الأسلوب نهج الحوثيين بتلقين صغار السن ملازم حسين الحوثي لدفعهم الى الانتحار في معارك غيبية يزعم فيها الحوثيين انها معارك الهية وان الله قد ايدهم وسلم لهم امر هذه الامة، لذلك نرى صغار السن يذهبون الى المعارك منتحرين لا يكترثون بالموت ولا يعطون للحياة أي قيمة.

كلا الحركتان استخدمتا الحشيش والشمة كمحرك أساسي ومنشط ذهني وبدني لاتباعهما، حيث تذكر المصادر ان الباطنيين بقيادة الحسن الصباح استخدموا مادة الحشيش لدفع اتباعهم الى ارتكاب أبشع الجرائم بحق خصومهم كون مادة الحشيش تجعل من الانسان فاقدا لمشاعر الرحمة والإنسانية وتعطيه نشوة في تحفيز غريزة الاجرام والقتل وسفك الدماء، وأيضا الحوثيين يقدمون الشمة لاتباعهم كما يقال صرفا واستحقاقا يوميا مثلها مثل الوجبات الثلاث الفطور والغداء والعشاء، حيث تذكر بعض المصادر ان عناصر الحركة وبفعل تأثير الشمة الحوثية التي لا يعرف الى الان طبيعة تكوينها وتأثيرها والمواد الداخلة في تصنيعها، اذ يقال انها تدفع الاتباع من صغار السن في صفوف الحركة الحوثية الى المعارك كما لو كانوا ذاهبون الى مهرجان او كرنفال احتفالي، وهذه ظاهرة خطيرة يجب ان تدرس كونها سما قاتلا للأجيال القادمة.

كلا الحركتان باطنيتان وغامضتان، حيث لا تستطيع بسهولة معرفة ما يريده الحوثيين ولا معرفة ما كان يريده الحشاشين في زمنهم، اذ يلاحظ الكثير في وقتنا الراهن شعار الحركة الحوثية الخادع الذي يجاهر بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل فيما الحركة قد اثخنت اليمنيين تقتيلا وتخريبا وتدميرا وتفجيرا لمنازلهم والشعار هو الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، والان جلبت الحركة الحوثية لليمن المتاعب والمصائب ومنها الحرب مع السعودية بسبب تهور الحركة واندفاعها نحو إيران والايحاء للسعودية ودول الخليج العربي انها دول باتت تحت التهديد الحوثي الغبي، وختاما أقول ان هذه بعض من أوجه الشبه بين الحوثيين والحشاشين وليس كل أوجه الشبه.