إيران ومثلث الرعب

- ‎فيأخبار اليمن, كتابات

إن قلتُ إن إيران لا تخيف أحدا فذلك قول ناقص. حقيقة أن البعض صار يخشى التدخلات الإيرانية بعد ما حدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ولكن هل صنعت إيران بقوتها الذاتية كل تلك المعطيات؟

ما كان لإيران ان تنعم بما حظيت به من فتوحات لو كان هناك مشروع عربي يمزج السياسة بالاقتصاد لينتهي بالمنطقة إلى الخروج من أزماتها. وهي أزمات وجد فيها النظام الإيراني مرآة لطريقته في التفكير.

لقد تماهى التدهور الذي شهدته المنطقة على مستوى العلاقة بين الحاكم والمحكوم مع المشروع الإيراني القائم على إشاعة الفوضى من خلال تصعيد وتائر الفتنة التي تمزق المجتمعات.

أيعقل أن العرب كانوا غافلين عما يخطط له الإيرانيون؟

أعتقد أن الغفلة ليست هي الكلمة المناسبة للوضع العربي الذي يسر لإيران المضي قدما في تثبيت مواقع لها على الأرض العربية من غير أن تحتاج إلى إرسال جندي واحد.

ما يجب أن لا نغمض عيوننا عنها دائما حقيقة أن لإيران اليوم جنود من العرب تغنيها عن التدخل عسكريا. ما يقوله الناشطون السياسيون في العراق وسوريا ولبنان واليمن من أن بلدانهم واقعة تحت احتلال إيراني ليس قولا مرسلا لا أساس له. الواقع يقول إن حزب الله والميليشيات العراقية وجماعة الحوثي ماً هي إلا جماعات مسلحة وضعت نفسها تحت أمرة الولي الفقيه الإيراني وهي تقف مدججة بالسلاح في انتظار كلمة منه.

أمام كل هذا التحول الخطير فإن اعتماد مفردة الغفلة هو خطأ يُراد منه اعفاء الأنظمة السياسة العربية من مسؤولياتها والتغطية على حقيقة سوء الفهم الذي وقعت فيه تلك الأنظمة وهي تسعى إلى تغليب التحالفات الدولية على التحالفات الإقليمية. ولهذا كان التحالف بين الدول العربية هشا عبر الخمسين سنة الماضية.

ما كان ممكنا لإيران أن تتمدد في العالم العربي كما هي حالها اليوم لو أن العرب انتبهوا إلى ضرورتين. ضرورة أن يتحدوا في الموقف من المشروع التوسعي الإيراني وضرورة أن لا يتحول جزء منهم إلى موالاة إيران بذريعة الطائفية التي لم تكن في قاموسهم من قبل.

اليوم وقد تأخر الوقت يشعر العرب أن مثلثاً للرعب الإيراني يحيط بهم برؤوسه الثلاثة. العراق ولبنان وإيران. أما لماذا استثنيت سوريا؟ فلأن الوجود الإيراني هناك بات مسألة هي من اختصاص الروس.

الهلال الإيراني هو في حقيقته ذلك المثلث العربي الذي صارت تديره حشود ظلامية تعد بالنسف والهدم والدمار والقتل والخراب من غير أن يكون هناك أمل بعودتها إلى حاضنتها العربية.

وإذا ما كان العالم كله قد أظهر جدية في التعامل مع الإرهاب متمثلا بالقاعدة والاخوان المسلمين وداعش وجبهة النصرة وسواها من الجماعات المسلحة المناهضة للسلم الأهلي فإن عليه أن يتخذ موقفا موحدا حاسما من الإرهاب الذي ترعاه إيران وتمده بكل أسباب الحياة.

وكما هو واضح فإن على العرب في هذه المرحلة المصيرية أن يركزوا على إنشاء تحالفات دولية للحيلولة دون استمرار إيران في تمويل أذرعها الممتدة من لبنان إلى اليمن بالسلاح والمال.

سيكون ممكنا احتواء مثلث الرعب الإيراني في العالم العربي من خلال تحجيم إيران ووضع كل نشاطاتها تحت الرقابة. وهو أمر ليس بالعسير في ظل التقنيات الحديثة.

من غير ذلك فسيكون أي حوار مع ممثلي إيران نوعا من العبث.

يبدو لي أن ما انتهت إليه حركة حماس في قطاع غزة نموذجا مثاليا لما يمكن أن يُنجز في مجال محاربة التنظيمات الإرهابية التابعة لإيران.

حين أفلست حماس ماليا أعلنت عن تغيير ميثاقها.

وهو ما ستفعله كل الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران إن انتهى تمويلها.

تحالف عربي ـ دولي ناعم يمكنه أن يحل مشكلة تعرض مستقبل العالم العربي للخطر