من سياسات “المخلوع” إلى انقلاب الحوثي.. اليمن على شفا التقسيم

- ‎فيأخبار اليمن

شكلت الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي في 22 مايو/أيار 1990، نقطة تحول تاريخية في طموحات اليمنيين نحو دولة مدنية يمنية موحدة، تضمن لمواطنيها سبل العيش الكريم والحياة الآمنة. طموحات بدأت بالتلاشي مع مرور السنوات وتواتر الأحداث، حيث ارتفعت أصوات تطالب بانفصال الجنوب مجدداً.

– مسؤولية صالح

الصحفي اليمني ياسر حسن يعزو ظهور مطالب جديدة بانفصال الجنوب لأسباب كثيرة؛ من بينها سياسة نظام الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، ابتداء من عام 1994، التي اعتمدت على إقصاء الجنوبيين وتهميشهم، وإجبارهم على التقاعد، ثم عدم تداركه الأمر عند انطلاق الحراك الجنوبي في العام 2007؛ ما جعل المطالب الحقوقية تتحول لمطالبات بالانفصال.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين” اعتبر حسن أن “أخطاء نظام صالح مثلت حجر الزاوية في تحول الإرادة الشعبية في الجنوب من الحلم بالوحدة قبل 1990، إلى محاولة التراجع عنها و”فك الارتباط” كما يقول ناشطون جنوبيون، حيث عانى عدد من الجنوبيين، لا سيما من المحسوبين على الحزب الاشتراكي اليمني (الحزب الحاكم في الجنوب قبل الوحدة) من الإقصاء والتقاعد الإجباري في المؤسسات المدنية والعسكرية”.

وعندما انطلقت الثورة الشبابية في 2011، يقول الصحفي اليمني: “كان هناك أمل بالتراجع عن مطالب الانفصال في الجنوب، لكن عدم اكتمال الثورة بالشكل الصحيح، وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتمددهم إلى المحافظات الجنوبية بعد ذلك، ساهم في تزايد دعاوى الانفصال في الجنوب، فأصبح الغالبية العظمى من الجنوبيين يؤيدون الانفصال”.

وتابع: “يمكن القول إن موقف المجتمع الدولي هو من سيرجح الكفة الآن بالنسبة لشكل الدولة في اليمن؛ لأن موضوع بقاء الوحدة أو تحقيق مطالب الانفصال لم يعد بيد اليمنيين شمالاً وجنوباً، وإنما بيد المجتمع الدولي ودول التحالف العربي التي أصبحت وصية على اليمن”.

وخلص إلى أن “المجتمعين الدولي والإقليمي يتخوفان من تفكك اليمن، وربما يعملان على حل وسط يرضي اليمنيين كتقسيم البلاد إلى أقاليم، والمرجح إلى إقليمين”.

وفي عام 2007 حاول المخلوع علي عبد الله صالح امتصاص احتجاجات الجنوب التي اندلعت في العام نفسه، بإعلان عزمه إعادة عدد من العسكريين إلى وظائفهم، وتعيين شخصيات جنوبية في مناصب رفيعة، وصرف تعويضات مالية لبعضهم، إلا أن عدم تنفيذه هذه الوعود، واستمراره في ضم شخصيات جنوبية لواجهة نظامه دون أن يكون لها صلاحيات فعلية، ولا تمثل نبض الشارع الجنوبي، أدى إلى تفاقم المشكلة، كما يقول مراقبون.

وكان مؤتمر الحوار الوطني الشامل (مارس/آذار 2013- يناير/كانون الثاني 2014) الذي مثل أحد أساسيات المبادرة الخليجية للانتقال السياسي في اليمن بعد ثورة فبراير/شباط 2011 ، قد ضمن معالجات للقضية الجنوبية بما يسهم في الحفاظ على اليمن الموحد بشكل اتحادي.

لكن انقلاب مليشيا الحوثي وصالح على الحكم بقوة السلاح واجتياح المدن، أدخل البلاد في معطيات مختلفة أبرزها تأليب الشارع الجنوبي ضد الوحدة، برأي كثيرين.

– مخاطر الانفصال

الكاتب والمحلل السياسي اليمني، الدكتور كمال البعداني، حذر من مخاطر الانفصال، مؤكداً “أن اليمن بلد فقير وشحيح الموارد مقارنة بسكانه الذين يقتربون من 30 مليون نسمة”، مضيفاً: “هذا بلا شك ينعكس سلباً على حياة المواطن اليمني، ولا سيما مع انتشار الفساد الإداري والسياسي في البلاد، والذي أوصل الجميع إلى الوضع الراهن”.

وتابع المحلل السياسي: “كل هذه التداعيات جعلت قطاعاً من اليمنيين يجنحون للانفصال، معتقدين أنه سيحسن ظروفهم، كما أن أطرافاً إقليمية غير عربية تسعى إلى تشجيع الانفصال؛ لأن هذا سيدعم مشاريعها في اليمن وفي المنطقة العربية بالكامل”.

وأوضح البعداني، الذي يشغل منصب وكيل وزارة الإدارة المحلية، أن “الخسارة لن تكون على الشمال أو الجنوب فحسب؛ لأن اليمن لن يعود إلى سابق عهده، بل قد يتم تقسيمه إلى أكثر من كيان، والمؤشرات على هذا كثيرة ويعززها وجود مراكز قوى مختلفة”.

وتساءل عمّا كان سيحدث لو لم تكن قوات التحالف موجودة في مدينة عدن التي تم تحريرها قبل عام، ورغم ذلك لم يفتح مطارها أو يشغل ميناؤها أومصفاتها النفطية، فضلاً عن انتشار حوادث الاغتيال.

وخلص البعداني إلى أن “تعدد مراكز القوى، وسيطرة كل فصيل من المقاومة على منطقة من مناطق عدن، انعكس سلباً على المدينة، وهو ما سيحدث لليمن كله لو حدث الانفصال، خاصة أن هناك أطرافاً داخلية وخارجية أو مرتبطة بالخارج، ستقوم بتغذية هذا التفتت”.

– الحل الأمثل

وفيما يتعلق بموقف المجتمع الدولي والإقلمي من مسألة التقسيم، يقول البعداني: إن “العرب وخاصة دول التحالف لن يسمحوا بانفصال جنوب اليمن؛ بسبب تداعيات ذلك على الجيران وعلى المنطقة كلها”.

وتابع: “كما أن التحالف لن يكتب في تاريخه عن أن مساعدته لبلد عربي قد أدت إلى انفصاله وتمزيقه، فاليمن الاتحادي هو الحل الأسلم لليمن ومحيطه العربي”.

وكانت أولى المحطات الجادة لانفصال الجنوب في عام 1994، حين اندلعت حرب أهلية بصبغة شمالية جنوبية حسمتها الدولة اليمنية بإسناد شعبي، لتبدأ مرحلة من الحرب غير الظاهرة على المعسكر المطالب بالانفصال، حتى جاء العام 2007 ليسجل ولادة ما يُسمى بالحراك الجنوبي الذي قاد احتجاجات مناهضة للوحدة.