واشنطن بوجهين مع المعارضة السورية.. وتستعين بالأكراد

- ‎فيعربي ودولي

أعلن ثلاثة مسؤولين أميركيين كبار تجميد العمل بالبرنامج الحالي لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، وكذلك الاتجاه بشكل أكبر إلى تدريب الأكراد في شمال وشمال شرقي سوريا بمعدات عسكرية أساسية (وليست معدات متطورة) بهدف ملاحقة وإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش واستعادة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في تلك المنطقة.

زير الدفاع الأميركي آشتون كارتر صرح صباح أمس الجمعة في العاصمة البريطانية لندن خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني مايكل فالون، بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيراجع برنامج تدريب وتسليح قوات المعارضة السورية، مشيرا إلى عدد من المقترحات المختلفة. ولمح وزير كارتر إلى أن النهج الجديد لإدارة أوباما سيركز على تمكين قوات موجودة بالفعل على الأرض لمحاربة تنظيم داعش، موضحًا أن «العمل الذي قمنا به مع الأكراد في شمال سوريا مثال للنهج الفعال، حيث لدينا بالفعل مجموعات قادرة على القتال، ويمكن تعزيز نجاحها. وهذا هو المثال الذي نود متابعته مع مجموعات أخرى في مناطق أخرى من سوريا للمضي قدما وهذا سيكون جوهر مفهوم الرئيس». وتابع وزير الدفاع الأميركي «كنا نبحث لعدة أسابيع سبل تحسين هذا البرنامج»، في حين أشار مسؤول دفاعي كبير إلى أن البرنامج الخاص بتدريب المعارضين السوريين لم ينتهِ بشكل كامل وإنما سيكون هناك بعض التعديلات.

من جهته، قال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الاتصالات، خلال مؤتمر صحافي هاتفي صباح أمس، إن تجميد برنامج التدريب الحالي «ليس تراجعًا في برنامج تدريب المعارضين السوريين بل هو تعديل». وتابع: «لدينا تقدم في ملاحقة تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق، ونقوم بعمل تقييم مستمر في مدى فاعلية البرامج حتى تقوم بالتعديل والإصلاح واستغلال الفرص خاصة في شمال وشمال شرقي سوريا».<br>وأضاف رودز «سنقوم بتجميد البرنامج الحالي لتدريب المعارضة السورية لكننا سنستمر في مساندة المقاتلين الحاليين الذين أنهوا البرنامج، ونحاول الاستفادة من تجارب مثل تجربة تحرير الأكراد مدينة عين العرب (كوباني) عندما تم التنسيق بين الضربات الجوية والقوات على الأرض، وسوف نقدم معدات عسكرية لقادة تلك الجماعات لتمكينهم من القيام بعمليات دفاعية».

وفي الاتجاه نفسه، قال بيتر كوك، المتحدث الصحافي باسم «البنتاغون»، إن وزارة الدفاع الأميركية تقوم حاليا بتوفير حزم معدات وأسلحة لمجموعة منتقاة من القادة الذين سبق فحص وحداتهم وبمرور الوقت يمكنهم القيام بتحرك منسق ضد «داعش» واستعادة الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.

المسؤولون الثلاثة ركزوا على أن الهدف الأساسي للبرامج الأميركية هو التركيز على ملاحقة «داعش» وإلحاق الهزيمة به، وأشاروا مجددًا إلى موقف الإدارة الأميركية من نظام الأسد القائل بأنه فقد الشرعية وأنه لا بد من حل سياسي يشمل رحيل الأسد.<br>يأتي تغيير واشنطن نهجها في التعامل مع المعارضة السورية بمثابة اعتراف بفشل برنامج التدريب الحالي في تحقيق هدف تدريب 4500 من قوات المعارضة السورية المعتدلة سنويا ليصل إجمالي المتدربين إلى 15 ألف مقاتل خلال السنوات الثلاث المقبلة لكن البرنامج قام بتدريب أقل من 80 مقاتلا فقط. وكان البنتاغون قد أعلن في مايو (أيار) 2014 خطة لتدريب وتسليح 5400 مقاتل سوري في مواقع في تركيا والأردن وإرسالهم مرة أخرى إلى سوريا لمحاربة «داعش»، ورصد الكونغرس مبلغ 500 مليون دولار لخطة تدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية الذين وصفتهم الإدارة الأميركية بأنهم سيكونون الركيزة الأساسية لإلحاق الهزيمة بـ«داعش»، لكن البرنامج فشل في اجتذاب ما يكفي من المجندين كما واجه انتكاسات كثيرة مع تعرض المقاتلين السوريين إلى هجمات واختطاف من قبل «جبهة النصرة» وتنظيم القاعدة.

وكان الرئيس أوباما نفسه قد أقر خلال مؤتمره الصحافي في الأسبوع الماضي بأن جهود تدريب وتسليح المعارضة السورية لم تعمل بالطريقة المفترض أن يعمل بها وقال: «إن جزءًا من السبب هو أننا حاولنا حملهم للتركيز فقط على (داعش) بينما كانوا يواجهون البراميل المتفجرة والهجمات من نظام الأسد كل يوم». وأشار مصدر في البيت الأبيض أن أوباما ناقش بالفعل خلال اجتماعاته مع كبار مساعديه للأمن الوطني وفي اجتماعه مع وزير الخارجية جون كيري المقترحات المختلفة والخيارات لمجارية «داعش» في سوريا، وبصفة خاصة تعزيز المساعدات وشحنات المعدات إلى المتمردين الأكراد وغيرهم من السوريين الذين نجحوا في دفع مقاتلي التنظيم خارج سوريا. وحول قلق تركيا من اتجاه واشنطن لتدريب وتسليح الأكراد يشير المسؤولون إلى أن واشنطن تواصل التشاور مع أنقرة، وأن عين العرب (كوباني) ما كانت لتتحرر من دون مساعدة تركيا وقوات البيشمركة. غير أن محللين يرون أن خطوة زيادة المساعدات للأكراد يمكن أن تثير شكاوى من تركيا التي تواجه معارك ضد الأكراد داخل حدودها وتخشى تزايد قوة الأكراد ومطالبتهم بتوسيع الحكم الذاتي.

جدير بالذكر أن وزير الخارجية جون كيري وغيره من المستشارين، بما في ذلك الجنرال جون الن، كانوا قد عرضوا فكرة مساعدة المعارضة السورية التي تدعمها واشنطن عبر إنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين. لكن إدارة أوباما رفضت الفكرة لفترة طويلة منذ بداية الحرب الأهلية السورية ومع التحركات والتدخلات العسكرية الروسية في سوريا تم طرح الفكرة مرة أخرى، ومع هذا أبدت الإدارة الأميركية مجددًا رفضا للفكرة وإصرارها على تجنب أي تورط يمكن أن ينظر له على أنه حرب بالوكالة.