مهمة في الرياض

- ‎فيكتابات

عندما انطلقت عاصفة الحزم فتحت السعودية ابوابها للكثير من اليمنيين سواء سياسيين او اعلاميين او ناشطين للدخول الى اراضيها عبر ما يسمى بالأرقام الحكومية، وتلك خطوة ايجابية تحسب للرياض.

دخلت انا كغيري من الاشخاص، وكان الاعتقاد السائد ان من يتم ادخالهم هم ممن تضرروا من الحوثيين والمخلوع وانقلابهم المشترك، او ممن يخشى عليهم من الاستهداف، او ممن ترغب الحكومة اليمنية او الاحزاب في الرياض او التحالف العربي للعمل معهم في جانب الاعلام والسياسة وغيره.

في الرياض قابلت اشخاص واستغربت من ذلك الوضع، عدة شخصيات اعلامية وسياسية متواجدة هناك، يعضها الى يوم انطلاق عاصفة الحزم وهو يطبل ويناصر المليشيا الانقلابية ويهاجم السعودية نفسها، ولم يتضرر من المليشيا، بل بعضهم تكتم على تواجده في السعودية خشية تضرر مصالحه في اليمن.

من الذي جاء بهؤلاء؟ ومن أدخلهم؟ وماذا سيعملون؟ والبعض منهم كان رصيده العملي صفر، وبعضهم لا وزن له سوى أنه جاء عبر شخصية نافذة، وعدد كبير منهم التخصص الذي يحمله هي صفة “ناشط”.

التصور الذي كنت أحمله في لحظة الدخول الى السعودية أن جميع اليمنيين الذين دخلوا جراء تلك الحرب، جميعهم منخرط في أنشطة وتكوينات داعمة للشرعية والتحالف بمعركتهما ضد الانقلاب في اليمن، فالإعلاميين سيكون لهم نشاطهم وبرامجهم، والمشائخ ايضا سيكون لهم موقفهم وأسلوبهم في التواصل مع الناس بالداخل، والسياسيين ايضا سيكون لهم نشاط وحركة وتأثير، وهكذا بقية المكونات.

في البداية حصل نوع من النشاط الهادف لخلق تكتلات متخصصة وفقا للفئات الموجودة، لكن لم يمر الوقت حتى أطل التخندق الحزبي برأسه، ونقل أغلب من انتقلوا امراضهم وهواجسهم الحزبية المريضة الى هناك، وتدريجيا بدأ الحماس يتلاشى لصالح التوجسات الأمنية، التي تربط بين الاشخاص والجهات داخل السعودية، التي بات فريق كبير من اليمنيين يتولى هذه المهمة القذرة.

كان الملفت هو انتقال عدد كبير من الافراد المحسوبين على حزب المؤتمر الشعبي العام الى السعودية، واغلبهم ممن أيدوا وساندوا مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الى آخر خطوة خطوها خارج اليمن.

لم يكن الخطأ يتصل بالجهات السعودية، فقد تعاملت بجانب انساني بحت، ولم تدخل شخصيات بناء على هويتها الحزبية او المناطقية، ولذلك كان هناك الكثير ممن ينتمون لمختلف التوجهات السياسية وغير السياسية، ومن مختلف مناطق اليمن.

بعد أشهر من التواجد داخل الرياض للكثير هناك، بدأ المرض الحزب يدب، وبدأت التصنيفات السياسية للأشخاص، ولم يعد الفرز قائما كما كان يفترض على اساس الموقف من المليشيا الانقلابية، بل على اسس حزبية تخدم أجندات بعض الشخصيات، وتحديدا تلك التي سوقت لنفسها أنها في المؤتمر الشعبي العام.

استغلت تلك العناصر بعض المزاج الخليجي المتحفظ على بعض الاحزاب، وتحديدا حزب الاصلاح، فأطلقت لنفسها العنان، واشتغلت في هذا الجانب، ومن منطلق أن المؤتمر هو الحزب المقبول والمرغوب ايضا لبعض الاطراف خليجيا اتجهت تلك الشخصيات للنيل ممن اعتبرتهم خصوم، سعيا وراء تحقيق مصالحها، ونقلا للحساسية الحزبية من اليمن الى خارجها.

وتحت مزاعم أنها تنتمي لحزب المؤتمر الوطني العريض حازت عناصر تلك المجوعة على النصيب الأكبر والأوفر من الوظائف الحساسة في مختلف المواقع الحكومية، رغم أن بعضها لا يحمل المؤهل الذي يؤهله لتلك المناصب.

تولت تلك المجموعة عدة مهمات، من التحريض على الشخصيات، الى مراقبة ما تنشره في صفحاتها بوسائل التواصل الاجتماعي، الى ترصد النشر في المواقع الالكترونية التي يرأسها اعلاميون في الرياض، الى تصنيف الناس وفقا لدرجة الولاء والخنوع، ووصل الامر الى حد الشكوى ببعض الشخصيات وما تكتبه بوسائل التواصل، وتم انذار بعضها في التوقف عن النشر من قبل الجهات التي تعمل لصالحها تلك المجموعة.

بل وصل الامر الى حد ايقاف توظيف بعض الشخصيات واخفاء ملفاتهم، حتى لا يحصلوا على الوظائف، وتقديم التقارير على البعض الاخر بأنهم لا يستحقوا وأنهم ينتمون لتيارات معينة.

استغل هذا الفريق ثقة بعض الجهات السعودية والحق الاضرار البالغة بكثير من الشخصيات، ولأن عملية التنسيق على بعض الخدمات لدى الجهات السعودية كانت تتم عن طريقه فقد سهل له ذلك ابتزاز الشخصيات واخضاعها، والضغط عليها، بل وصل الامر حد التهديد بسجنها لدى الجهات السعودية.

تولت تلك العناصر اضافة الى ما سبق عملية التشويش والاساءة لبقية مكونات الشرعية في الرياض، في تناغم وانسجام متطابق تماما مع خطاب نظرائهم داخل حزب المؤتمر في صنعاء، بل إن كثير من الناشطين المؤتمريين في اليمن حازوا على اهتمامهم المادي أكثر ممن يعمل معهم خارج اليمن.

هذا الفريق اساء كثير للشرعية، بل وكان مساهما في تدني اداءها خدمة للمشروع الانقلابي في الداخل، وبات واضحا ان أجندته متصلة تماما ومتماهية مع المشروع الانقلابي خاصة مع طرف صالح، ولم يكن يهمه الشرعية بقدر ما كان حريصا على تلميع صالح وحزبه في صنعاء والترويج بأنه المخلِص والمنقذ لليمن، رغم أنهم يعملون في مواقع مختلفة داخل حكومة الشرعية.

ومع تتابع الاحداث ظهر هؤلاء بوضوح، وجاءت التطورات في صنعاء لتكشف عن وجوههم وأساليبهم بكل سهولة، فكيف يمكن الثقة بهؤلاء مرة أخرى؟

حرصا على خيط رفيع من الزمالة تم حجب الاسماء والشواهد.