ليس مؤامرة على مأرب …وانما إصلاح مسار الشرعية في مأرب.

- ‎فيكتابات

عندما زرت مأرب قبل شهر من اليوم وسمعت لكافة مكوناتها بشكل سريع فرضه واقع الوقت والزمن أدركت يومها أن صراعا قريبا سوف يفرز في مأرب قد يتم استغلاله من بعض الأطراف ومحاولة الاستفادة منه لإضعاف الشرعية لكن الحقيقية أن معطيات هذا الصراع حقيقيةوموضوعية وواقع موجود .
مأرب مدينة عظيمة بأبنائها وتماسكهم الاجتماعي وقدرتهم على التوحد في مواجهة من يهدد كيانهم لذا غالبا ما يترفع أبناء مأرب عن إثارة الصراعات بشكل علني في مقابل الخطر الذي يواجههم ولذلك استطاعوا أن يطردوا مليشيات صالح والحوثي من محافظتهم بقوة تماسكهم الاجتماعي التي فرضتها طبيعة المنظومة القبلية الاجتماعية المشكلة لبنية المجتمع الماربي وهي مكمن من مكامن القوة لديهم .
ولكن بنفس الوقت الذي قد تكون فيه هذه الصفة إيجابية في جانب التوحد على مواجهة المخاطر فإنها تكون سلبية عندما يكون التماسك الظاهري هو الطاغي بينما هناك في بنية الواقع ما يعمل على تدمير هذا التماسك واضعافه وهو عملية التغاضي عن المشكلات الواقعية التي كانت تعاني منها مأرب من بداية الحرب والتي تمثلت في وجود اختلالات وممارسة فساد داخل بنية الجيش الوطني والأمن ومؤسسات الدولة تضرر منها الكثير ومنهم أبناء مأرب وخاصة سوء الإدارة الذي ارتبط بمواصلة العمل بنفس آليات نظام علي صالح في الإدارة والعمل بعيدا عن آليات العمل الرشيد والشفافية وقيم الدولة والمؤسسات …..هذا فضلا عن وجود استغلال واضح لقيم التسامح واللاعنصرية التي يتمتع بها أبناء مأرب واستقبالهم لجميع اليمنيين من جميع المناطق اليمنية في صورة استطاعت أن تقدم نفسها وكأنها عاصمة لكل اليمن .
هذه الرؤية التي اهدتها مأرب لكل اليمن تم مقابلتها بعدم رؤية جادة وعملية في استيعاب الاحتقانات التي كانت تطرح من إهمال أبناء مأرب ومديريات ومن تمثيلهم العادل في العمل في مؤسسات الدولة والتي غالبا كان العذر المقدم بأنه لا يوجد كفاءات مؤهلة من أبناء مأرب ، وهذه مسألة قد تكون موضوعية وواقعية في زاوية منها والتي كانت بحاجة إلى أن تركز قيادة المحافظة وسلطتها المحلية على تقديم معالجات موضوعية وبرامج تأهيلية وبناء قدرات يتم من خلاله تعويض الإهمال والتهميش الذي طال مأرب في فترة نظام صالح وعدم تمكين أبناء المحافظة من أن يكونوا عامل فاعل في إدارة محافظتهم والاستفادة من مواردها .
محافظ مأرب سلطان العرادة استطاع بحكمته كقائد أن يوحد جبهة مأرب والإسهام في تحريرها و فرض الاستقرار والأمن في المحافظة …لكنه مؤخرا انحاز بعيدا عن تمثيل مصالح مأرب وقضاياها الحقيقية فكان هناك إهمال متعمد لكوادر المحافظة المؤهلة لصالح الانحياز للمحسوبية والمعايير الحزبية بالإضافة إلى غياب تمثيل شراكة حقيقية بين مكونات مأرب الرئيسية بحيث تعمل بعقل جمعي في إنتاج حلول مشتركة لمشكلات المحافظة الرئيسية.
المشكلة في مأرب ليس في تعين المداني الذي في تصوري قرار تعينه إيجابي ككفاءة مهنية ينبغي التعامل معه على هذا الأساس وفق معيار المواطنه ومدى التزامه بقيم الدوله ومخرجات الحوار الوطني وليس وفق تقيمه وفقا لانتمائه الأسري وخاصة أنه يعمل في صفوف الشرعية وممكن التعاطي مع تعينه في إطار الدور المؤقت الذي تمارسه مأرب حاليا لكل اليمنيين وهو ما لا يتناقض مع فكره الدوله الاتحادية القائمة على توزيع وتقسيم الاختصاصات بين سلطات الاتحاد والاقاليم والولايات ومن متطلباته وجود جيش اتحادي ووجود أمن على مستوى الاتحاد واخر اقليمي .
لكن المشكلة الحقيقية في تصوري هو في عدم التعاطي الجاد والعلمي والموضوعي بعقل تشاركي بين مكونات مأرب الرئيسية لإنتاج حلول لمشكلات مأرب الواقعية وهي كثيرة …وهي السبب الرئيسي للنتيجة التي تجسدت اليوم ..والتي تحتاج إلى تشكيل سريع لمجلس استشاري للمحافظة يمثل المكونات الرئيسية للمحافظة السياسية والاجتماعية والمنظمات المدنية والمهنيين المتخصصين في مجالات إدارة هذه المرحلة من عملية التحرير والبناء بحيث يمثل هذا المجلس شراكة حقيقية برئاسة المحافظ في إدارة المشهد في مأرب بما تقتضيه عملية استكمال التحرير وبناء المحافظة وفق مرجعية مخرجات الحوار الوطني .وكل ما يحافظ على استمرارية توافق أبناء المحافظة وإصلاح كل الاختلالات وكل ما يسهل استكمال دور مأرب العظيم في استكمال عملية التحرير .

*من صفحة الكاتب