تعرف على “نشوان” اشهر اغنية سياسية يمنية منعت من البث اكثر من 30 عاما واغلقت بسببها العديد من الاستريوهات

- ‎فيأخبار اليمن, فنون وأدب
nashwan

برغم مرور اكثر من 30 عاما على كتابة كلماتها والحانها إلا انها ظلت خالدة في اذهان اليمنيين على مدى هذه الفترة الزمنية الطويلة لما تحمله من معاني ومفردات تشرح حقبة من تاريخ السياسة اليمنية والصراعات بين النخب على السلطة في الشطرين رغم انها موجهة اكثر كلماتها الى نظام الشمال حينها الذي منع بثها وحاربها واعتقل بسبب كلماتها الشاعر  سلطان الصريمي الذي يقطن آن ذاك محافظة الحديدة.

الاغنية السياسية الاشهر فياليمن على الاطلاق “نشوان” كتب كلماتها الاستاذ سلطان الصريمي ولحنها الفنان القدير الراحل محمد مرشد ناجي وحملت طابعا سياسيا ومنعت من البث حينها واغلقت السلطات العديد من الاستريوهات ومحلات بيع اشرطة الكاسيت بسبب هذه الاغنية لانها تمثل رسالة مشفرة قيل بان الشاعر الصريمي وجهها للشعب اليمني يحكي فيها اسرار كثيرة تتعلق بقضية اغتيال الشهيد ابراهيم الحمدي بالاضافة الى قضيايا اخرى وخاصة البيت الذي يقول فيه الشاعر :

باعوا الاصابع…….. وخلوا الجسم للديدان

ومن المعروف ان الاصابع في الجسم هي جزء من الاطراف وهنا يلمح الشاعر الى بيع الاطراف الحدودية للوطن سواء في الشمال او في الجنوب حينها.

لقد تداول النشطاء الكثير من الروايات حول هذه الاغنية والى من وجهت فكانت ابرز واقرب هذه الرويات التي قالت بان الشاعر  وجه القصيدة الى الطفل “نشوان ابراهيم الحمدي” الذي كان مازال رضيعا حينما امتدت يد الغدر والخيانة الى والده اضافة الى انها دعوة للشعب اليمني كافة لنفض غبار الخوف والثأر ممن قتلوا زعيهم واغتالوا مشروعهم الوطني.

رواية الفنان محمد مرشد حول الاغنية

يقول الفنان الكبير الراحل محمد مرشد ناجي حول الاغنية الاشهر في اليمن ” نشوان لا تفجعك خساسة الحنشان ” انه وفي العام 79م بدأت مفارقات على حدود شطري الوطن واستمرت في التصاعد إلى درجة خطيرة
، ودعيت في ليلة رمضانية إلى منزل الأخ علي ناصر محمد ـ رئيس الوزراء وبحضور مجموعة من القيادات السياسية والشاعر الملحن حسين المحضار والفنان عبدالرحمن الحداد، قال الحاضرون: سمعنا أن لديك أغنية بعنوان “نشوان” نود سماعها وقلت: هذه أغنية رفضت كلماتها عام 77م من قبل القيادة، قالوا: نسمعها الليلة وفهمت واسمعتهم، فقال العميد علي أحمد ناصر عنتر: يا بن مرشد هذه الأغنية بمائة خطبة، وغداً تسجلها للإذاعة ولم يكن هناك أي ملاحظة على القصيدة لأن الحاضرين ما كانوا على علم بأسباب رفض القصيدة في العهد السابق سوى الرئيس سالمين وصاحبه عبدالفتاح إسماعيل.
وأقول إن هذه القصيدة التي كتبها الشاعر سلطان الصريمي ووجدتها منشورة في أحد أعداد مجلة الحكمة كانت قصيدة جريئة في تناولها لقضايا الأرض وهموم الإنسان اليمني في المناطق الشمالية وتمجد ما يجري من تحولات اقتصادية ووطنية في المناطق الجنوبية، وقد قرأت هذه القصيدة على الشاعر القرشي عبدالرحيم سلام بعد أن اخترتها لتقديمها كأغنية تعالج قضية الإنسان اليمني بشكل عام بأسلوب “المرمزه” الشفافة فقال خيراً ما اخترت ثم أطلعته على نيتي في إضافة بيت هاجم السلطة في الجنوب.. وأقصد بذلك الرئيس سالمين وجماعته وليس القيادة السياسية التي ما كان لها حول ولا قوة في الحكم، فقال القرشي: افعل ما بدالك .. وحانت حفلات اكتوبر 77م وكان أول من عرضت عليه قصيدة نشوان الصديق طه غانم، فقال: أبو علي هذا غير معقول! وأثناء حديثنا أقبل رئيس لجنة الاحتفالات الأخ سالم باجميل وكان صديقاً للرئيس سالمين وسألني بعد أن قرأ مطالع القصيدة أتريد أن تقدم هذه القصيدة؟ قلت نعم وماذا فيها؟ قال وماذا تعني بالعصابة؟ قلت: لست ما أعني أنا وإنما الشاعر قال: سأريها “الشيبة” ويعني الرئيس سالمين والأمين العام عبدالفتاح اسماعيل لمعرفته باللهجة ورفضت القصيدة وألغيت مشاركتي في الحفل.
المهم أنه بعد إجازة هذه الأغنية تم تسجيلها على العود عصر اليوم التالي ولم اندهش من ذكاء القيادة السياسية عندما ظلت الإذاعة تذيع إعلانات بين وقت وآخر من صبيحة اليوم الثاني تلفت انتباه المستمعين إلى إذاعة أغنية جديدة بعنوان نشوان في الخامسة بعد الظهر، الأمر الذي جعل المواطنين في الساحة اليمنية والجزيرة والاستريوهات في قمة الشوق لسماعها واذيعت الأغنية في موعدها.. ما أستطيع قوله أنها تعرضت إلى تحريم سماعها في المناطق الشمالية والجزيرة ولو سجلت إذاعة صنعاء الأغنية وقت إذاعتها من عدن لفسدت الأغنية وجعلت المستمع يفكر في كلمات الأغنية على أنها لا تهاجم صنعاء وحسب ولكن.. كما سرت إشاعة بعد ذلك بأن الشاعر سلطان الصريمي الذي كان وقتها يقيم في الحديدة قد رحل إلى صنعاء للاعتقال وهو ما يؤكد خطورة الأغنية الناجحة والتأثير الوارد فعاليته في الجماهير…ستظل اغنية نشوان التي شدى بها الراحل محمد مرشد ناجي من اهم الاغاني الفارقة في تاريخ الاغنية اليمنية …ستظل اغنية نشوان بمفرداتها الغارقة بالخصوصية اليمنية متجددة وكانها وشم في جبين حاضر يكرر نفسه.
نـشوان
كلمات – د . سلطان الصريمي

الحان واداء:المرحوم / محمد مرشد ناجي

نـشـوان لا تفجَــعَــك خَسَــاسَة الحِنْــــشَانْ
ولا تُـبَـهِّـــر إذا مــاتــــــت غُـــصُـــون الــبـــان
الموت يا بن التعــاسة يخـلــُق الشُّجـــعـــان
فكِّر بباكر ولا تـــبـــــكِ على مــا كـــــان

قطر العروق جاء يُـسقِّي الورد يا نشوان
حِسَّك تُصـــدِّق عجائب طاهِش الحَوبان
ولا تُـــــصَـــــدِّق عِـــصـــابَة عـمَّنــا رَشــــوان
أصــحــابـــها ضــيّــعــونا كسّــروا المـيــزان
بــاعــوا الأصابِع وخلّوا الجِسم للديدانْ
وقــطَّـعــــوهــا عـلى مــا يـشـتـهـي الــوزّان
فــكــر بــبــاكـــر ولا تــبــكِ على ماكان

لكـــن دم الضحـــايــا صـــانـــع الألــحــــــان
لحّـــن لصنعاء نشيد الأرض والريحــــان
ولاح بـــرق المعــنّى في جــبــل شــمــســــــان
ينقُش على الصّخر والأحجار والعِيدان
لـكــن زرع الحَــنَـــش وحـــــارس البُستــــان
يشـتــي يركّب برأس الجـمـبية جـعـنان
فكر بــبــاكـــر ولا تــبــــــكِ على ماكــــان

نـــشــــوان أنــــــا فـــريــــســـة المـــــصــــالــــــح
ضـــــحــــــيـــــــــة الـــــطـــبــــال والـــــقـــــوارح
من يـــوم خُــلِـــق ســيــف الحـسَــن وصالِح
وانــــا وحــــــيـــــد في قــــــريـــتــــي أشـــــــارح
أبــنـــي المَــكَـــــاسِـــــر وازرَع الـــبــــــراصِــــــح
والـــــفــــــائــــــــدة لِمَـــــنْ مَـــــسَـــبُّـــه فــــاتِـــــح
والـــويـــــل لمـــــن في سُـــــوقِـــــنــــــا يُـــــصارِح
أو من بَجَش صِــدقُــــه على الفَضَـــــائِــــح

نــشـــوان كــــم في جـــعـــبــتــي نصـــائـــــح
وكــــــم ورِم قــــلــــــبــــي من الفـــضـــائـــح
وكم شــــســــامِـــح لــــو أنا شــــــســــامِــــــح
أوصـــــيــــــك لا تـــــــهــــــــرب ولا تـــــمـــــازح
لا تــــفـــــتــــجـــــع من كــــــثـــــرة المــــــرازح
شُـــــق الـــطَـــــريــــــق وظــــهِّــــر المَـــــلامِـــــح
حـــتــــى تُـــعــــانِــــــق صبــــحــــنـــــا تـــصافح
ويـــــنــــــتــــهي الإرهــــــــــــاب والمــــــذابِــــــــــح

نشوان ســـامـــح من جِـــــنِـــــن وهَــــسّــــتَــــر
ومــــن رِدِع عَـــــرض الجِـــــــدار وفـــــكّــــــــر
ولا تُـــــــسَــــــامِـــــــح مـــــن رقًـــــــد وفــــسّـــرْ
أو الــــــذي مــــن عَـــــــومَــــــتُـــــه تِــــكَــــسَّـــــر
أمــــــا الــــذي عِــنـــد المـــصـــــيــبــة يـــفـــتَــر
وبــــالـــنــــفَــــس يَـــــهـــــــدِر هَـــــدِيـــــر عَــنتَر
يـحــــتــــاج تـــلـــقـــيـــنـــه دُروس ومَـــعـــشَـــر
فـهو من الحِــــنــــشـــــانِ بَـــــلْ هــــو أخـــطَـــر

 

للاستماع الى الاغنية اضغط هنــــــــــا